وجملة : (أَنَّها لَكُمْ) في تأويل مصدر ، هو بدل اشتمال من إحدى الطائفتين ، أي : يعدكم مصير إحدى الطائفتين لكم ، أي كونها معطاة لكم ، وهو إعطاء النصر والغلبة عليها بين قتل وأسر وغنيمة.
واللام للملك وهو هنا ملك عرفي ، كما يقولون كان يوم كذا لبني فلان على بني فلان ، فيعرف أنه كان لهم فيه غلبة حرب وهي بالقتل والأسر والغنيمة.
(وَتَوَدُّونَ) إما عطف على (يَعِدُكُمُ) أي إذ يقع الوعد من الله والود منكم ، وإما في موضع الحال والواو واو الحال ، أي يعدكم الله إحدى الطائفتين في حال ودكم لقاء الطائفة غير ذات الشوكة وهذا الود هو محل التشبيه الذي أفاده عطف (وَإِذْ يَعِدُكُمُ) ، مجرور الكاف في قوله : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ) [الأنفال : ٥] فهو مما شبه به حال سؤالهم عن الأنفال سؤالا مشوبا بكراهية صرف الأنفال عن السائلين عنها الرائمين أخذها.
و «الود» المحبة و (ذاتِ الشَّوْكَةِ) صاحبة الشوكة ووقع (ذاتِ) صفة لمقدر تقديره الطائفة غير ذات الشوكة ، أي الطائفة التي لا تستطيع القتال.
و (الشَّوْكَةِ) أصلها الواحدة من الشوك وهو ما يخرج في بعض النبات من أعواد دقيقة تكون محددة الأطراف كالإبر ، فإذا نزغت جلد الإنسان أدمته أو آلمته ، وإذا علقت بثوب أمسكته ، وذلك مثل ما في ورق العرفج ، ويقال هذه شجرة شائكة ، ومن الكناية عن ظهور الشر قولهم : «إن العوسج قد أورق» ، وشوكة العقرب البضعة التي في ذنبها تلسع بها.
وشاع استعارة الشوكة للبأس ، يقال : فلان ذو شوكة ، أي ذو بأس يتقى كما يستعار القرن للباس في قولهم : أبدى قرنه ، والناب أيضا في قولهم : كشّر عن نابه ، وذلك من تشبيه المعقول بالمحسوس أي تودون الطائفة التي لا يخشى بأسها تكون لكم أي ملككم فتأخذونهم.
وقد أشارت الآية إلى ما في قصة بدر حين أخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم المسلمين بانصراف عير قريش نحو الساحل وبمجيء نفيرهم إلى بدر ، وأخبرهم أن الله وعدهم إحدى الطائفتين ، أي إما العير وإمّا النفير وعدا معلقا على اختيارهم إحداهما ، ثم استشارهم في الأمر أيختارون اللحاق بالعير أم يقصدون نفير قريش ، فقال الناس : إنما خرجنا لأجل