فِيكُمْ ضَعْفاً ـ إلى ـ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال : ٦٦] نزلت بعد نزول السورة بمدة طويلة ، كما روي عن ابن عباس ، وسيأتي تحقيقه هنالك.
وقال جماعة من المفسرين إن آيات (يا أَيُّهَا) النبي (حَسْبُكَ اللهُ ـ إلى ـ لا يَفْقَهُونَ) [الأنفال : ٦٤ ، ٦٥] نزلت بالبيداء في غزوة بدر قبل ابتداء القتال ، فتكون تلك الآية نزلت قبل نزول أول السورة.
نزلت هذه السورة بعد سورة البقرة ، ثم قيل هي الثانية نزولا بالمدينة ، وقيل نزلت البقرة ثم آل عمران ثم الأنفال ، والأصح أنها ثانية السور بالمدينة نزولا بعد سورة البقرة.
وقد بينت في المقدمات أن نزول سورة بعد أخرى لا يفهم منه أن التالية تنزل بعد انقضاء نزول التي قبلها ، بل قد يبتدأ نزول سورة قبل انتهاء السورة التي ابتدئ نزولها قبل ، ولعل سورة الأنفال قد انتهت قبل انتهاء نزول سورة البقرة ، لأن الأحكام التي تضمنتها سورة الأنفال من جنس واحد وهي أحكام المغانم والقتال ، وتفننت أحكام سورة البقرة أفانين كثيرة : من أحكام المعاملات الاجتماعية ، ومن الجائز أن تكون البقرة نزلت بعد نزولها بقليل سورة آل عمران ، وبعد نزول آل عمران بقليل نزلت الأنفال ، فكان ابتداء نزول الأنفال قبل انتهاء نزول البقرة وآل عمران.
وفي «تفسير ابن عطية» عند قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) من هذه السورة [٣٣] قالت فرقة نزلت هذه الآية كلها بمكة قال ابن أبزى نزل قوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) بمكة إثر قولهم (أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [الأنفال : ٣٢] ونزل قوله : (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال : ٣٣] عند خروج رسول اللهصلىاللهعليهوسلم إلى المدينة ، وقد بقي بمكة مؤمنون يستغفرون ، ونزل قوله : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) [الأنفال : ٣٤] بعد بدر.
وقد عدت السورة التاسعة والثمانين في عداد نزول سور القرآن في رواية جابر بن زيد عن ابن عباس ، وأنها نزلت بعد سورة آل عمران وقبل سورة الأحزاب.
وعدد آيها ، في عدّ أهل المدينة. وأهل مكة وأهل البصرة : ست وسبعون ، وفي عدّ أهل الشام سبع وسبعون ، وفي عدّ أهل الكوفة خمس وسبعون.
ونزولها بسبب اختلاف أهل بدر في غنائم يوم بدر وأنفاله ، وقيل : بسبب ما سأله بعض الغزاة النبي صلىاللهعليهوسلم أن يعطيهم من الأنفال ، كما سيأتي عند تفسير أول آية منها.