وإن الساعة ليست هي اليوم الآخر كله ، إنما ساعة منه لها بداية : «الرجفة الأولى» ولها نهاية : «الرجفة الثانية» رجفة الإماتة والإحياء ، فإلى ربك منتهاها كما منه مبتدأها.
من هنا وهناك نستوحي أن السؤال عن الساعة كان عن مرساها ومنتهاها ، عن زمن رجفة الإماتة والإحياء ، والثانية هي الأصل وهي المعاد ، فمنتهى الساعة التي هي الإحياء إنما هو إلى الله ، لا يشاركه فيه أحد ، ولا يعلمه غيره أحد ، كما ورجفة الإماتة منه لا سواه ، وإنهاء الكائنات إلى ساعة الضياع أيضا منه لا سواه.
(إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) :
ليس لك إلا الإنذار بشأنها ، دون أن تعلم أو تقدر على شيء منها ، ولا يؤثر إنذارك إلا فيمن يخشاها : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) (٢ : ٤٦) وأما الناكرون لها والشاكون فيها فليس لك إلا إلقاء الحجة عليهم ، وإن كانوا : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٢ : ٦) سواء عليهم إذ لا يتذكرون ، لا سواء لك ـ (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) (١٣ : ٤٠).
(إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) (٣٦ : ١١).
فهذه من حدودك الرسالية أن تنذر بها من ينفعه الإنذار ، وهو الذي يشعر قلبه بحقيقتها فيخشاها ويعمل لها ويتوقعها في موعدها الموكول إلى صاحبها.