زمن لبث البرزخ :
(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) :
يخيّل إلى الناكرين الشاكين في اليوم الآخر وساعته ، يخيل إليهم يوم يرون الساعة : صيحة الإحياء ـ فإنها من ساعة ذلك اليوم ـ أنهم لم يلبثوا في الحياة قبلها ـ برزخ وسواه ـ لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها ، يحسبونهم لبثوا هذا القليل القليل من الزمن ، لضخامة وقعة الساعة وقرعة القارعة ، بحيث تتضاءل إلى جواره ما لبثوه قبلها بأشيائها وأشياعها وأحداثها ، فتبدو في حسّهم كأنها (عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) وهو ليس كما يزعمون.
أو أنه ساعة من نهار : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ) (١٠ : ٤٥) بل ويقسمون عليه أيضا : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ) (٣٠ : ٥٥).
أو يوما أو بعض يوم : (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ. قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ. قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢٣ : ١١٥ ـ ١١٧).
أو عشر ليال أو سنين : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً. يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً. نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) (٢٠ : ١٠٣ ـ ١٠٥).
إن المجرمين ـ على مختلف دركاتهم ـ يحسبونهم لبثوا في الأرض ـ أرض التكليف وأرض البرزخ ـ : لبثوا ساعة من نهار ، أو يوما أو بعض يوم ، أو عشية أو ضحاها أو عشر ليال أو سنين ، وكلهم على خطأ فيما حسبوه من تحديد زمن مكثهم ، إلا في أنه كان قليلا بجنب الحياة الآخرة الخالدة ، وقد يصدقهم الله