الله ألدّ أعدائه المعارض لكتابه ، بالعبوس : (ثُمَّ نَظَرَ. ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ. فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ. إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ. سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) (٧٤ : ٢١ ـ)٢٦.
فمن هذا العبوس ، ضيّق الصدر ، القذر الخلق كالبعر اليابس والبول على هلب الذنب؟ والذي يعده الله صلي سقر لأنه عبس وبسر ثم أدبر واستكبر؟ ..
من هذا العبوس القمطرير الذي يعبس في وجه المؤمن الأعمى الضرير الفقير؟ في حين ينصدى لعميان القلوب من الكفار الأقذار الأشرار؟
من هذا الأحمق الذي يتلهى عمن يسعى إلى الحق وهو يخشى الله ، ويتصدى لمن استغنى عن الله ، وهو يسعى ليعيث الفساد في الأرض ويهلك الحرث والنسل.
من هذا الغبي البعيد البعيد الذي يردعه الله تعالى بهذا العنف عن فعلته السخيفة ويسوقه إلى التذكرة التي هي في صحف مكرّمة. مرفوعة مطهّرة. بأيدي سفرة. كرام بررة؟
هل يجرأ مسلم أن يتقول القولة الجاهلة الفاتكة : أنه الرسول الأقدس محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ وهو على خلق عظيم! والعظيم عند الله إله العظمة ، فما للخلق العظيم أصبح كالأم اللئيم؟ فما لمن شرح الله صدره يضيق صدره لما شرحه الله به : يضيق لمن يستعلمه شيئا من القرآن ، أإكراما لألعن الخلق المحاربين للقرآن؟
إن نقلة الأخبار هنا أنه الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وحاشاه ، لم يراعوا كيان الرسالة المحمدية حق رعايتها ولا شيئا منها ، أم جهلوا أو تجاهلوا مدى التنديد الشديد في هذه الآيات بشأن الذي عبس وتولى أن جاءه الأعمى ، وهم لم ينقلوها إلا عن الهوى ، ولم يسندوا فيها إلى ركن وثيق من كتاب أو سنة ، إلا نقلا عن هذا وذاك ، عن الذين لا تسمن أقوالهم ولا تغني من جوع.