«كلا» * فإنه تذكرة للغافلين ، وتنبيه للجاهلين.
(كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ. فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ. فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ. بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرامٍ بَرَرَةٍ) :
«كلا ..» * إنها تذكرة رسالات السماء ، بأيدي سفراء السماء رجالات الوحي ، يقدمهم الرسول الأقدس محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ميثاقا ووثاقا ، وهو آخرهم مبعثا.
هذه الدعوة المقدسة مكرمة مطهرة ، مستغنية عن كل أحد وعن كل سند ، وإنما هي لمن يريدها لأنها دعوة السماء ، ولأنها كريمة في كل اعتبار ، عزيزة لا يتصدى بها للمعرضين ، ولا يتلهى بها عن المؤمنين.
(إِنَّها تَذْكِرَةٌ) : آي الذكر الحكيم هي تذكرة لمن ألقى السمع وهو شهيد.
(فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) : ذكر ما تذكّره به الآيات (١) تذكرة حاصلها الذكر لمن شاء أن يتذكر .. تذكرة لما سجله الله تعالى في كتاب الفطرة والعقل ، فإنها لا تجانب الفطر والعقول ، وليست جديدة لا صلة لها بأعماق ذواتنا وما تتطلبه حيوياتنا ، وإنما كيانها أن تذكّرنا بما غفلنا عنه واستغفلناه ، بما ران على قلوبنا ، وستر على عقولنا «إنارة العقل مكسوف بطوع الهوى».
فمن الآيات ما تعرفها عقولنا إذ تتذكر بها ما نسيته ، ومنها ما لا تنكرها لأنها لا تنافيها ، فالكل ـ إذا ـ تذكرة.
(إِنَّها تَذْكِرَةٌ. فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ. فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ) :
__________________
(١) ضمير المذكر في «ذكره» * لا يرجع إلى «تذكرة» * فإن الذاكر لا يذكر التذكرة وإنما يتذكر به أمرا آخر كان عنه غافلا ، ف (ه) يرجع إلى حاصل التذكرة وهو الأمر الآخر ، ذكره : أي ما تذكره التذكرة.