الصحيفة هي المبسوط من الشيء دون خفاء وخباء ، وإنها صحف القرآن في القرآن وفي صحف النبيين أجمعين ، فإن القرآن يحمل الوحي الصادق النازل عليهم من قبل ، وفيه زيادات خالدة ، وأنه بينة ما في الصحف الأولى : (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) (٢٠ : ١٣٣) أتتهم في خاتمة الوحي ، في القرآن.
وإنها مكرمة عند الله وعند ملائكة الله ورسل الله ولمن ألقى السمع وهو شهيد ، مكرمة عند من يكرم عقله وضميره ويهدف إكرام نفسه في الحياة.
وهي مرفوعة عن وحي الأرض ، فإنها وحي السماء ، مترفعة عن تدخل الأرض وتحريفها ، مرفوعة عن أن تنالها أيدي الدس والتحريف والنسخ والتزييف.
وهي مطهرة من قذارة الباطل ولغو القول والريبة والتناقض : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (٤١ : ٤٢) (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ. وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) (٨٦ : ١٤) (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٤ : ٨٢).
وجماع القول في تلكم الصحف أنها لا ينقصها شيء من الكمال والجلال والبهاء والجمال ، فهي الحجة البالغة الدامغة على من تصله ، هذه ذاته وطبيعته اللمّاعة.
ثم نرى وسائطها الملائكية والبشرية أنهم كرام بررة ، لا يزيدونها إلا جلاء ونورا وبهورا.
(بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرامٍ بَرَرَةٍ) : سفرة ربانيون مرسلون ، سماويون وأرضيون ، أرسلهم الله تعالى للبلاغ : من جبريل أمين الوحي وملائكته الأعوان ، إذ ينزل بها على قلب الرسول الأقدس محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم خاتمة الوحي وأفضله : (نَزَلَ