وإنه يستحق القتل على فظيع تصرفه ، فإنها صيغة تقبيح وتفضيح ، وإفادة إنه يستوجب القتل لشناعته وبشاعته ، إن قتلا لأخلاقه التي قتلت انسانيته ، أو قتلا وازهاقا لروحه الجهنمية التي سواء عليها الإنذار وعدم الإنذار :
(وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى).
(قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) :
استفهام انكاري : ما الذي ستره؟ ستر عقله وضميره وفطرته وبصيرته فأعماه! .. أم فعل التعجب : عجب منه كيف يكفر بربه ناس؟؟؟ ا كيانه؟ كيف كان وكيف صار؟ ..
علام يستغني ويستكبر؟ ولم يتصدى له من يدعي الإيمان ، عابسا في وجه المؤمن؟!
والكفر هنا يعم كل ستر وحجاب على بصيرة الإنسان بجنب ربه ، شاملا دافة ألوان العصيان ودرجاته تجاه رب العالمين (١).
(مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) :
(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) (٧٦ : ١) كان شيئا لا يذكر لتفاهته وقذارته لحدّ كان يستحى من ذكره باسمه وقتذاك «مني» * .. خلقه من هذا الذي لم يكن يذكر ، أصل لا قوام له ولا قيمة ، عفن نتن رجس مهين ، نطفة من منيّ يمنى.
نطفة عجيبة في خلقها وشكلها على حين مهانتها ، نطفة أمشاج من بحر لجي من علق. (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) : الدودات الصغيرة السابحة في البحر المنوي
__________________
(١) من كفران النعم وإن كان من الموحد المسلم ، ومن كفر العصيان كذلك ، إلى آخر درجات الكفر ، فللشيطان خطوات في الإضلال كلها كفر وظلام.