حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٣٠ : ٣٠).
كذلك ويسره سبيل الشر ليجتنبه كما يسره سبيل الخير ليسلكه : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (٩٠ : ١٠).
والتيسير هنا وهناك علمي وتطبيقي ، يسرهما الله تعالى له في ذاته (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) (٩١ : ٩).
والهدف الأصيل هو سلوك سبيل الخير على بصيرة (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (٦ : ١٥٣).
وأي تيسير أقرب وأسهل من كون السبيل المقصودة مندغمة في ذوات المكلفين ، دون حاجة في ابتغائها إلى طي مسافة وغور مفازة ، وإنها لهي النعمة الكبرى والحجة العظمى الربانية أن زوّدنا بسفراء في ذواتنا ، ومن ثمّ سفراؤهم كرام بررة يذكروننا بما فطرنا ربنا عليه ، ثم الكائنات كلها شهود صدق لهؤلاء السفراء في أنفسنا وفي الآفاق.
يسره سبيله تعالى وسبل الحياة كلها ، لرحلات الحياة وللاهتداء فيها : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) (٨٧ : ٣ ـ ٤).
إنه ليس تقديره الإنسان بالذي ينافيه اهتداء السبيل التي يسره : فإنه تقدير لخلقه ، ثم تقدير لأفعاله أن يحصل عديد منها دون اختياره وهي التي لا يثاب عليها ولا يعاقب ، وأخرى باختياره وهي التي يعاقب عليها ويثاب ، تقديرا وقضاء بالاختيار ، ونفس الاختيار من التقدير.
يسره السبيل وأمره بسلوك السبيل وأمهله وعمّره ما يتذكر فيه من تذكر حتى إذا قضى نحبه.