غير الإنسان خاصة ، ولأنه أعم ، ويساعده عموم اللفظ ، ومن الإنسان الوحش ما هو أوحش من وحش الحيوان!
ثم هل إن حشرها هو جمعها يوم الجمع في صيحة الإحياء كسائر الأحياء من بني الجان والإنسان؟ قد ينافيه أن الآيات الست الأول من السورة وهي خامستها ، أنها كلها تصف حالة الكائنات في رجفة الإماتة ، وأن الحشر المطلق هو مطلق الجمع عن تفرق وافتراق دون اختصاص بجمع خاص ، فما لوحوش الحيوان تختص بهكذا حشر؟
أم هو جمعها للموت كما الآية تخبر عن رجفة الإماتة؟ ولكنهما الجمع هذا لا يختص بالوحوش ، فإنه يعمها والكائنات الحية وسواها بأسرها.
أم هو جمعها بعد تفرقها ، وأنسها بعد توحشها وتمزقها ، فإنها نسيت نفسها من هول الواقعة القارعة ، فكيف بتفرسها وتوحشها؟ .. وإنها تمضي هائمة على وجوهها كأنها زالت طباعها المتنافرة الوحشية ، وكما هو الحال في كافة المتنافرين المتوحشين من الإنس ومن سائر الحيوان ، فهي إنما تفر وتهجم وتضر ما لم تر حادثة أشد وكارثة أعتد ، ففيما إذا انفزعت بالفزع الأكبر نسيت وتناست ما بينها من عداء ، وتآلفت واجتمعت وحشرت.
كما وقد يكون هكذا حشر لشمول العدل إذ لا ظلم ولا تخسير ، وهو الحشر الأول في القيامة الوسطى ، في دولة القائم المهدي محمد بن الحسن العسكري عليه السّلام إذ «تصطلح في ملكه السباع» (١).
__________________
(١) نجد هذه الجملة في روايات مستفيضة اسلامية وآيات عدة من كتب الأنبياء السابقين فصلتها في كتابي «رسول الإسلام في الكتب السماوية» ومنها : في كتاب أشعياء ١١ : ٦ ـ ١٠؟؟؟ «فيسكن الذئب مع الحمل ويربض النمر مع الجدي ويكون العجل والشبل والمعلوف معا وصبي صغير يسوقها ٦ ، ترعى البقرة والدب معا ويربض أولادهما معا والأسد يأكل التبن كالثور ٧. ويلعب المرضع على حجر الأفعى ويضع الفطيم يده في نفق الأرقم ٨ ، لا يسيئون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لان الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغمر المياه البحر ٩ ، وفي ذلك اليوم أصل يسي القائم راية للشعوب إياه تترجى الأمم ويكون مثواه جيدا ١٠».