فعن القمي عن الصادق عليه السّلام في الآية قال : «تتحول البحار التي حول الدنيا كلها نيرانا» (١)
(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) :
التزويج هو قرن كلّ شيء إلى شيئه ، أو مثله ، أو ما يحق أن يقرن به ، وعلّه لا يشمل هنا النكاح لأنه يخص أهل الجنة دون النفوس كلها ، وأن الآية تستعرض قيامة الإحياء قبل الحساب والجزاء ونشر الصحف وتسعير الجحيم وإزلاف الجنة ، وقبل أن تعلم كل نفس ما أحضرت (٢) اللهم إلا أن يعنى من تزويج الأشرار غير النكاح ، وأن خلط الآيات في القيامتين يسمح بشمول التزويج للنكاح وإن ذكر قبل الحساب (٣).
إذن فهو التزويج العام يوم القيام ، الشامل لكل نفس خيرة وشريرة ، قرنا في كل شيء.
من قرن الأجزاء الأصلية المعادة ـ لكل نفس ـ بعضها ببعض. دون أن تضل أو أن تتصل إلى غير بدنها ، وقرن كلّ نفس ببدنها الأصيل الذي عاشته طوال حياة التكليف ، دون تقمّص بغير قميصها ، ودون أن تضل الأرواح ولا الأجساد : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ. قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٥١٤ ح ٦.
(٢) هذه الآيات تجمع بين علامات قيامة الاماتة والاحياء ، فمن تكوير الشمس إلى تسجير البحار تشير إلى الأولى ، ومن تزويج النفوس إلى نشر الصحف إلى الثانية ، ثم ترجع إلى الأولى في كشط السماء ، ثم بقية الآيات إلى الثانية ، جمعا بين القيامتين لوحدتهما في الطامة واتصالهما.
(٣) ويؤيده المروي عن الامام الباقر (ع) في الآية قال : أما أهل الجنة فزوجوا الخيرات الحسان ، وأما أهل النار فمع كل إنسان منهم شيطان ، يعني قرنت نفوس الكافرين والمنافقين بالشياطين فهم قرناؤهم (نور الثقلين ٥ : ٥١٤ ح ٧ في روآية أبي الجارود عنه (ع)» أقول وهذا من بيان بعض المصاديق الظاهرة.