أو لا يختارون دونهم طيب العيش ورفاهية خفوض الدنيا ، لا يرجون ثوابا ولا يخافون والله منه عقابا ، حيهم أعمى نجس ، وميتهم في النار مبلس فجاءهم بنسخة ما في الصحف الأولى»(١).
فهل يا ترى إن وأد البنات وقتلهن في أجسادهن مخافة الفقراء والعار المزعوم ، هل إنه أوحش وأفحش ، أم دفنهن في الملاهي والشهوات والدعارات وألوان العار والبوار ، أن يصبحن لعبة للرجال دونما حسّ؟؟؟؟؟ ولا حجز ، نتيجة عدم الاكتراث بشأنهن؟
فهذا دفن الروح والجسم معا وذاك دفن الجسم ، هذا دفن المثل العليا والقيم الإنسانية ، وذاك دفن القيم الجسدانية ، فهو أشد من قتل الأجساد ووأدها وكما توحي إليه آيات عدة: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ـ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) (٢ : ١٩١) (٢ : ٢١٧) وأية فتنة أشد وأكبر من فتنة اللامبالاة بين الفتيان والفتيات ، الناتجة عن تركهم سدى في خوضهم يلعبون وفي غيهم يعمهون.
وقد يفسر الإمامان الصادق والباقر عليهما السلام القتل في الآية : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (٥ : ٣٢) يفسر انه بقتل الروح وعلى حدّ قولهما : «من أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها» بيانا لأهم المصاديق ، كما ويفسر الحياة أيضا بحياة الروح «ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا» : من أخرجها من ضلال إلى هدى (٢).
فسؤال الموؤودة يوجه إلى الآباء الحاليين قبل أن يوجّه إلى القدامى ، حيث القتل في عصور الحضارة أشد وأكبر منه في الجاهلية الأولى.
إن موءودة الجاهليات «سئلت» تسأل هي بأي ذنب قتلت : سؤال
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٥١٥ ، الكافي بالإسناد عن مسعدة عن الصادق (ع) عنه (ع).
(٢) المصدر ١ : ٥١٤ ح ١٥٣. ومثله عن الباقر (ع) بسند آخر.