من وأدها وحرمانها حقوقها ، ورفع لها من درجاتها كما تحق في كافة مجالات الحياة فردية وجماعية.
فهل تظن الآن أن البنات خلصن من الوأد ، وفي عصر تحضّر المرأة وتقدمها مع كل ما وصلت إليه المدنية الحديثة؟ .. كلا .. وإنها الآن موءودة أشر مما كانت في الجاهلية الأولى.
إن الآيات تندد بمن يئد البنات أيّا كان ، وأدا في التراب أم وأدا في تباب ، قبل الولادة وبعدها ، جسدانيا أم روحيا ، وأحرى أن يسمى الوأد الروحي وأدا! فإنه بعد عن حياة الروح ، وذلك عن حياة الجسم.
فإذا كانت الجاهلية الأولى تئد البنات ، فالجاهلية المتحضرة تئدهن مع الذكور بعملية الإجهاض المتبعة في كافة البلاد ، وتئدهم جميعا بالأمراض التناسلية الناتجة عن تفشي الفحشاء والخلط بين الجنسين ، لحد تولّد الولائد المرضى ، المبتلين بالأمراض المهلكة ، أم تقتلها قبل ولادتها ، وما إلى ذلك من ألوان الوأد لحدّ لا يحصى.
وإذا كانت الجاهلية الأولى تدفن البنات تحت التراب مخافة الفقر أو العار ، فالجاهلية الأخيرة تدفنهن بشبابها وتدفعها إلى كل عار ودمار وبوار خلقي ورذالات جنسية همجية ، وأدا لكرامتها ودفنا لإنسانيتها ، جاهلية أعمى من الأولى ، غليظة الحس ، حيوانية التصور ، هابطة في درك البشرية إلى حضيض مهين وضلال مبين ، فقدت المرأة ميزتها الإنسانية وانحطت إلى أحط الورطات والنكبات الحيوانية ، لحدّ توزن بثقل جسدها وجمالها وشبابها ونضارتها الجنسية ، كأنها حيوانة خلقت لإرضاء ناحية الجنس ليس إلا.
فإذ يصف أمير المؤمنين عليه السّلام الجاهليين الأولين بما يصف ـ والآخرون أحرى بوصفه ـ يخاطب الناس فيه : «أيها الناس إن الله تبارك وتعالى أرسل إليكم الرسول ـ إلى أن يقول : ـ ودفنوا في التراب الموؤودة بينهم من أولادهم ،