يذكره في سياق هذا الهول الهائج المائج كأنه حدث كوني من هذه الأحداث العظام.
إن العرب الجاهلي الوائدين للبنات كانوا على فرق شتى ، تعمها الصورة القاسية الوحشية لهذه العملية العارمة.
فمنهم من كانوا يجلسون المرأة حين وضعها فوق حفرة هيئوها من قبل ، فإن كان المولود بنتا رمي بها فيها وردمت.
ومنهم من كان يتركها إلى السادسة من عمرها ثم يقول لأمها زينيها وطيبيها لكي أذهب بها إلى أحمامها فيأخذها إلى حميم البئر ، يدفعها فيها بكل قساوة وضراوة ، ويهيل التراب عليها (أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ).
والبعض القليل كانوا يمسكونها مهينة (أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ) إلى أن تقدر على الرعي فيلبسها جبة من صوف أو شعر ويرسلها في البادية ترعى له إبله ، وفيما إذا تزوجت ومات زوجها جاء وليه فألقى ثوبه عليها منعا لها عن زواج آخر ثم يرثها أو تفتدي نفسها منه ..
هذه وتلك كانت العادة الجاهلية بحق البنات عند العرب ، فما كان لقبيل الأنثى أيّ كيان عندهم ، بل كنّ أنزل مكانة من الحيوان أيضا وأرذل كيانا.
ولقد كانت في نظر بعض الأجيال صفرا وتحت الصفر ، ففي الجيل الخامس الميلادي كانت تعقد المجامع للنظر في : هل هي إنسانة لها نفس إنسانية؟ أم هي دون الإنسان رغم صورتها الإنسانية ، وهكذا كان العصر السابق على الإسلام عصر ضياع المرأة ، وكان للرجل كل حق عليها وحتى وأدها دون أي نظام يطالبه بالتجريم أو يحكمه بالتحريم ، كأن الوأد هو القانون ، حتى جاء الإسلام مشنعا بهذه العادات ، ومتّعها بحقوقها واعتبرها بنتا وزوجة وأما ، وخلّصها