إذا فما هي الحاجة لإثبات وحي القرآن أن يقسم له بالخنس الجواري الكنس والليل إذا عسعس ، حتى والصبح إذا تنفس (١)؟.
فهل في الخنس : (المنقبض المتأخر المستتر) والجواري الكنس : (المختبئ الداخل في كناسه) هل فيهما دلالة لإثبات وحي القرآن؟ والكائنات كلها منقبضة متأخرة مستترة تجاه نور القرآن ، وبرهانه ، وهو المنشرح المتقدم الظاهر الباهر كالشمس في رايعة النهار؟!
كلا ؛ ولا في الصبح إذا تنفس لأنه أول النفس والقرآن بلغ من أنفاس الحياة المعنوية منتهاها.
كلا ؛ ولا بمواقع النجوم وهي الظاهرة لكل ذي بصر ، رغم أنه لقسم لو تعلمون عظيم!
كلا ؛ ولا بأيّ من كائنات العالم : (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ) إذ لا أظهر من القرآن حتى يظهره ويدل عليه ، ألغيره من الظهور ما ليس له؟ عميت عين لا تراه!
ثم وما هي النسبة الدلالية بين الخنس الجواري الكنس لإثبات وحي القرآن ، والآية تصرح بنفي القسم : (فَلا أُقْسِمُ) : تفريعا على الآيات الكونية السابقة كالشمس المكوّرة والنجوم المنكدرة ، أنهما وأمثالهما من نيّرات الكون مصيرها إلى التكوير والانكدار ، وشمس القرآن لا تكوّر ولا تنكدر ، وقد تتلألأ أكثر وأكثر حينما النيرات تنكدر ، فهي أيضا من الخنّس الجواري
__________________
(١) وقد يشهد له المروي عن علي (ع) في (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) قال : «يعني بذلك الأوصياء ، يقول : إن علمهم أنور وأبين من الصبح إذا تنفس» (البرهان ٤ : ٤٣٣ ح ٤) أقول وهو يؤيد اللاقسم ، إذا لا يقسم بالنور لاثبات الأنور ، وعلم الأوصياء هنا مثل عن علم القرآن.
الفرقان في تفسير القرآن (١١)