يشهد علميا وعقليا أنه وحي الله ألقاه إلى رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين.
(فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) :
أين تذهب بكم المذاهب وتتيه بكم عن هذه المواهب : عن هذا الوحي القويم وهذا الرسول النبي الكريم؟ أين تذهبون وأنى تأفكون ، من حيث لا تعلمون ولا تعقلون؟ أين تذهبون في أقوالكم وادعاءاتكم وأحكامكم : أين تذهبون منصرفين عن الحق وهو يواجهكم أينما ذهبتم وحيثما كنتم ، وما ذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون؟.
(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ. لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) :
إن وحي السماء ورسل السماء ـ وبالأحرى رسول الرسل وأم الكتب ـ إنها لا تأتي بما ينافي العقول والفطر أو لا يلائمها ، وإنما كيانها : (ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) ذكريات تذكرهم بما نسوا أو تناسوا ، بما درنت ورانت قلوبهم وكسفت عقولهم ومسخت فطرهم.
إن هذه الذكرى الرسالية تتركز على الأحكام الكلية العقلية والمصاديق الجزئية ، إزاحة لشبهات العقول ، وإنارة الدروب عليها ، لتسابق فيما هو خيرها في الأولى ، وإن كان الإنسان كإنسان الأرض لا يستطيع أن يعرف كافة الحكم في الأحكام الجزئية اللهم إلا ما يذكّرنا وحي السماء ..
فوحي القرآن ونبيّ القرآن ليس له كيان إلا (ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) تذكيرا عن الغفلة والغفوة والجهل والجهالة ، ذكرا بما هو منقوش في كتاب الفطرة ، وتعرفه العقول المستقيمة .. (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ).