.. فهنا تزويج بين الإنسان والفلك والأنعام ، وهناك بين الكون كله ، وإن كان الإنسان هو من أهم الأزواج ، وله خلقت سائر الأزواج (١).
وهذه الملاءمة الذاتية بين أجزاء الكون ، والازدواجية الخلقية بينها ، إنها برهان آخر على نبإ التوحيد ، توحي لنا وحدانية الخالق المدبّر ، لا سيما زوجية الذكورة والأنوثة الكافلة لرغد العيش ، ولبقاء النسل وكثرته.
فقد خلق الله الإنسان ذكرا وأنثى : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) (٤٢ : ٥٠).
وجعل حياة هذا الجنس وامتداده قائمة على اختلاف الزوجين والتقائهما ، وكل إنسان يدرك ما وراءها من لذة وراحة ومتعة وتجدد ، ولأهمية ازدواجية الحياة نرى الآيات تترى في المنّ والتذكير بها.
فهل يا ترى أنها الفوضى : أن تصبح النطفة ذكرا ، وأخرى مثلها أنثى ـ على وحدتهما في الصورة والمنشأ؟ سبحان الخلاق العظيم
النوم السبات :
(وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) :
إن مهاد الأرض وأوتاد الجبال وازدواجية الكون بأنساله ـ على كونها من أهم النعم الدالة على نبإ التوحيد ـ إنها تبقى منفية الأثر عديمة الثمر لو لا أن الإنسان ينام ، فكما أن حراك الإنسان في الحياة من النعم ، كذلك سباته : (قطعه) عن الحراك نعمة ، لولاها لما استقامت للإنسان حياة ، واندثر كيانه قبل قيامه بصالح الحياة ..
__________________
(١) سوف نبحث عن زوجية الكون أجمع على ضوء الآيات في أقرب المناسبات ، وإن ذلك من معجزات القرآن ـ العلمية.