تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) وذلك يوم تدميرها ورجعها إلى ما كانت من دخانها : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) ، وكما شرحناه مسبقا في سورة التكوير والإنشقاق عن كشط السماء وقشطها ، أنها سوف تنمحي عن كيانها السماوي وتنحّى عنها جلدها وتنشق ، فهي يومئذ واهية ووردة كالدهان وتمور مورا وتصبح كالمهل.
(وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) :
هنا شبهت الكواكب بلآلئ منظومة انخرط سلكها فانتثرت وتفرقت ، إنها تنتثر بعد تماسكها في أفلاكها جارية بسرعات هائلة ، ممسكة في داخل مداراتها ، مرفوعة في أجوائها بعمد لا ترونها : (رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) فثم عمد ولكن لا ترونها ، أعمدة القوة الجاذبية وسواها التي نجهلها حتى اليوم ، فلما ذهبت هذه القوى التي تشدها وتربطها في سماواتها ومداراتها ، ذهبت ـ إذا ـ في الفضاء بددا كما تذهب الذرة التي تنفلت من عقالها.
فهل إنها ـ وكما يزعمها السذج ـ تتناثر على أرضنا؟ كلا ؛ فإن أرضنا ـ وهي من أصغر الكواكب ـ تنتثر معها إلى أعماق الجو وتنطمس وتنمحي وترجع ـ كأمها السماء ـ إلى حالتها الأولى «دخان» * وعلّها ـ ومعها الكائنات كلها ـ ترجع إلى «الماء» * المادة الفردة الأولى.
أجل ـ وإن الكواكب تنتثر كما النجوم تنطمس وتنكدر وتندحر : حادثات جلل تقضي على المملكة السماوية بأمر الملك العلام.
(وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) :
وكما عرفناه مسبقا في التكوير ، سوف يعم البحار ـ كل البحار ـ تفجير يتلوه تسجير ، فتصبح نارا هائجة ملتهبة بالتفجرات ، فالحرارات التي تتحكمها