و : علمت نفس ما قدمت من خير وما أخرت من شر ، فإن الخير تقدّم للإنسان والشر تؤخر ، كما ويشير إليه القرآن : (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) (٢ : ٢٢٣) (يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (٧٨ : ٤٠) (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى. يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) (٨٩ : ٢٤) ، (إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ. نَذِيراً لِلْبَشَرِ. لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) (٧٤ : ٢٩ ـ ٣١) : تقدّم في الحياة بتقديم الصالحات ، وتأخر عن الحياة تأخرا عن الصالحات وتورّطا في الطالحات ، فالحري للإنسان كإنسان ، والذي يحيى يوم الحساب للحساب ، حري له أن يقدم لحياته الأخرى من الصالحات ، فإن الطالحات تسبّب التأخر عن الحياة السعيدة ، وإن كانت الأعمال كلها ـ خيرها وشرها ـ تقدم ليوم الحساب ، ف (لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) (٥٩ : ١٨).
والآية : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) تتحمل المعنيين ، أن الإنسان سوف يعلم خيره وشره ، ما قدمه وأثاره (١).
وهناك نفوس قدسية علمت حقائق أعمالها قبل موتها وقبل قيامتها ، هي
نفوس المعصومين ، فلا تشملهم «نفس» |
|
لأنها منكرة لا تستغرق النفوس ، |
وعلها ـ أيضا ـ تشير بتنكيرها إلى النفوس العادية غير البالغة درجة العصمة ، فها هو أمير المؤمنين علي عليه السّلام يقول : «لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا»!
__________________
(١) كما أخرج الدر المنثور عن عكرمة وقتادة ومجاهد ، قولهم في الآية : ما أدت إلى الله مما أمرها به وما ضيعت (٦ : ٣٢٢).