الروح الإنسانية : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) (٣٢ : ٧ ـ ٩) (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) (١٨ : ٣٧) (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى. ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى. فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٧٥ : ٣٧ ـ ٣٩) (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) (٨٤ : ٢) (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها. فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) (٩١ : ٧ ـ ٨).
نستوحي من هذه الآيات البينات أن الخلق هو تكملة الجسم ، وتسويته هي تهيئته لكي يقبل الخلق الآخر وهو الروح ، فخلقه يعم مراتب التكامل الجنيني كلها : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) (٢٣ : ١٢ ـ ١٤) فهذا الخلق الآخر عله تسويته بعد ما سواه جسدانيا ، لقبول هذه التسوية الروحانية.
وأما عدله فعلّه تعديل قواه في الناحيتين الجسدانية والروحية ، كلا بالنسبة لزميله ، أو قرينه ، أو البيئة المنفصلة عنهما ، سواء داخل الرحم أم خارجه ، فهذه الحالات الخمس بحاجة إلى تعديل لكي يصلح الإنسان الجنين أم سواه للحياة وإدمانها :
١ ـ فما لم تتناسب قوى الإنسان وأعضائه لم تتناصر في كيانه الواحد ، ٢ ـ وما لم تتلاءم الطاقات الروحية لم يك بالإمكان أن تتوحد فتوحّد الحياة صالحة ، ٣ ـ وما لم تتوافق جنود الروح والجسم لا تشكل إنسانا واحدا ، ٤ ـ وما لم تلائم حيوية الجنين فضاء الرحم لم تستقم الحياة هناك ، ٥ ـ وما لم تتناسب هذه الكيانات الموحدة الحياة الخارجية استحالت الحياة وإدمانها بعد الولادة .. فهذه كلها تعديلات لجزأي الإنسان بعد الخلق والتسوية.