في سجين ، في كتاب مرقوم ، مما يدل على أن سجين الجحيم ليس إلا أعمالهم ، كتاب فجورهم ، الذي كان خفيا عنهم يوم الدنيا ، ثم يبرز مرقوما ظاهرا يوم الدين : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٥٠ : ٢٢).
هذا وكما يقال أن خلافك هذا لفي سجن ، إشارة إلى أن السجن نتيجة الخلاف ، كذلك كتاب الفجار ، نفوسهم الفاجرة بأعمالهم الشريرة ، إنها لفي سجين ، لفي جحيم هي حقيقة تلكم الأعمال ، يحرق الفاجر بما أو قده ، بوقوده الذي هو نفسه وأعماله : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٢١ : ٩٨).
لذلك نرى بعد آيات عدة يقول : (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) ، أي : لمحرقوا الجحيم ، بماذا؟ بكتاب الأعمال ، بالأعمال أنفسها ، وبالنفس المجرمة الشريرة.
إذا فكتاب الفجّار هذا هو في نفسه الجحيم وهو السجين ، وهو الكتاب المرقوم ، الواضح الخط ، الغليظ المحتوى.
إن كتاب الفجار ـ الخفي يوم الدنيا ، غير المرقوم في أبصارهم الكليلة ـ سوف يكون في كتاب مرقوم ، سوف يخرج عن الخفاء ، فبصرك اليوم حديد ، فالكتاب الخفي (كِتابَ الفُجَّارِ) هو في كتاب جليّ في النهاية ، كما كان الجلي في الخفي في البداية ، وكلاهما سجين وفي سجين ، سجين يوم الدنيا وسجين يوم الدين.
أو إنه كتاب مرقوم ليوم الدنيا والدين ، مرقوم لمن رقمه مهما كان خفيا في الأولى عن أبصار الناظرين ، وهذا الكتاب المرقوم لفي سجين ، في حفاظ الله تعالى دون أن يمحى منه شيء إلى أن يشهد يوم الحساب ، فمعنى الآية إذا :