مهما صدّق بالبعث ، إلا أنه بعث عبث ، أو يصدق بالحساب ، لكنه حساب فوضى ، ومهما يكن من شيء فالمعتدي الأثيم يركز في جرمه على نكران الجزاء الوفاق ، ولكي يصدقه البسطاء المتخلفون ، يكذب آيات البعث والحساب ضمن ما يكذب ، راميا لها أنها من أساطير الأولين وخرافاتهم ، ليس لها أصل سماوي ، أو إذا كان فإنما هو من الديانات السابقة فلا جديد إذا في القرآن يفرض علينا اتباعه :
(إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) :
خرافاتهم وأوهامهم المختلقة المسطورة التي تنتقّل للتّفكّه ، أو الآيات التي نزلت على أنبياء الله من قبل ، إذا فلا جديد في القرآن من حقائقه وخرافاته :
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١٦ : ٢٤) أنزل في قرآنه ما كان ينزله في كتاباته من قبل : (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٢٥ : ٥) (لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٣ : ٨٣) (١).
فأين (آياتُنا)؟ وأين (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)؟ فآيات الله هي بأنفسها تدل على أنها إلهية إذ لا يسطع عليها إلّا الله ، والأساطير الخرافية بأنفسها تدل على أنها من غير الله ، بل ومن السفهاء ، ومن حماقة التعبير أن يقال عن آيات الله أنها أساطير الأولين ، وليس هكذا حكم أحمق إلا لأن قلوبهم أصبحت مقلوبة بما كانوا
__________________
(١) أساطير أما جمع الجمع ، أي : أسطر وأسطور وأسطار ، فهو بمعنى ما سطره وكتبه الأولون ، أو جمع أسطور وأسطير وهو أيضا ما يكتب ، ولكنما الأسطور هو الحديث الذي لا أصل له ، فالأساطير أعم مما سطره الأولون ولا أصل له أو ما له أصل قديم ، وعلى الوجهين فرمي القرآن بأنه أساطير الأولين تجعله لا شيء ، إما أنه لا جديد فيه وإن كان صحيحا ، أو أنه من خرافات الأولين!.