يكسبون ، فليست هنا أية حجة ودافع لهم في هكذا تعبير إلا رين قلوبهم الناتج عن الاعتداء والإثم المتواصلين ، فبين القلوب والأعمال تعامل مزدوج يؤثر فساد كل في الآخر ، كما يؤثر صلاحه في صلاح الآخر.
إنّ فريتهم هذه على آيات الله البينات يدفعها عجزهم عن الإتيان بمثلها ، وإن ادعوا أنهم قادرون عليها (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٨ : ٣١).
فلو استطاعوا لأتوا بسورة مثله وهم يحتالون كل الحيل أن يعارضوها ، وهم بأمس الحاجة لعرقلة دعوة القرآن ، ولكنهم لم يفعلوا ولن (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (٢ : ٢٣ ـ ٢٤).
لا يقدر على ذلك لا أهل الكتاب من كتابات الوحي ، ولا المشركون ـ وأحرى ـ من كتابات الأساطير.
(كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) :
إنها ليست آيات الله هي الأساطير ، وإنما هي شموس الهداية لأولي الأبصار دون عميان القلوب (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٢٢ : ٤٦) «فإن كثرة الذنوب مفسدة للقلب» (١) و «هي ترين كما يرين السيف
__________________
(١) كما في الدر المنثور ٦ : ٣٢٦ عن أبي الخير قال : قال رسول الله (ص): أربع خصال تفسد القلب ، مجاراة الأحمق ، فإن جاريته كنت مثله وإن سكت عنه سلمت عنه ، وكثرة الذنوب مفسدة للقلب ، وقد قال : بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ، والخلوة بالنساء والاستمتاع منهن والعمل برأيهن ومجالسة الموتى ، قيل : وما الموتى ، قال : كل غني قد أبطره غناه.