وجلائه» (١) وهي تقلب بمواقعة الخطيئة فيصير أسفله أعلاه وأعلاه أسفله كما عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمّة من آل الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم (٢).
والقلوب هنا وفي سواها من آيات هي قلوب الأرواح ، التي هي بيضاء بما فطرها الله تعالى ، وهي تشتد بياضا بمواصلة الطاعات ، وتسودّ بمتابعة السيئات إلى أن تصل إلى مرحلة الختم فلا ترى أبصارها نورا وإنما تعمى عن مشاهدة الحقائق (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (٣٥ : ٤٠).
أجل ـ إن مكاسب السوء تعمي القلوب وتجعلها مقلوبة ترى كلّ شيء عكس الواقع ، فإنها تحجبها عن النور وتحجب النور عنها وتفقدها الحساسية شيئا فشيئا حتى تتلبد وتموت.
فمن غفل عن ذكر الله واتبع هواه أغفل الله قلبه : (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (١٨ : ٢٨) وإثم الجوارح ينحدر إلى القلوب فتصبح آثمة كما هي (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (٢ : ٢٨٣) وذكرى آيات الله البينات ليست إلا لمن كان له قلب واع (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (٥٠ : ٣٧) ومن ختم على قلبه بمكاسبه السوء ليس له قلب فلا يتذكر بآيات
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٥٣١ عن الكافي بإسناده عن النبي (ص) قوله : تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا فإن الحديث جلاء للقلوب ، إن القلوب ترين كما يرين السيف وجلائه.
(٢) وفي الدر المنثور ٣٢٦ عن عبد الله بن عمر عن النبي (ص) في حديث : ولن يعذب الله أمة حتى تعذر ، قالوا : وما عذرها؟ قال : يعترفون بالذنوب ولا يتوبون ولتطمئن القلوب بما فيها من برها وفجورها كما تطمئن الشجرة بما فيها حتى لا يستطيع محسن يزداد إحسانا ولا يستطيع مسيء استعتابا ، قال الله : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.
وفيه ٦ : ٣٢٥ عن النبي (ص) إن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن عاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الرين الذي ذكر الله في القرآن (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ).