الله ، دون المؤمن البصير (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٦٤ : ١١).
(كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) :
ليس كما يزعمه المجرمون أن لهم الحسنى في الآخرة أيضا كما لهم في الدنيا على حد قولهم : (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) (٤١ : ٥٠).
(كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) .. كما حجبوا أنفسهم يوم الدنيا عن البينات فختم الله على قلوبهم ، كذلك يحجبهم عن ربوبيته المتمثلة في رحماته يوم الدين ، ومن أعظمها جنة المعرفة والرضوان ، محجوبون عن ربهم لا عن الله ، فإن الذات الإلهية محجوبة في الدارين وعن العارفين بالله أيضا فضلا عن سواهم ، وإنما يحجبون عن ربهم كما كانوا محجوبين عنه يوم الدنيا ، رغم أنهم لا تظهر لهم الحقائق يوم الدين حقها فلا يبقى حجاب (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) (٢٢ : ٢٥) ، ولكنهم بعيدون عن جناب الربوبية حجاب المعرفة والواقع.
هؤلاء هم الفجار ، وأما المؤمنون فغير محجوبين عن ربهم ، ف (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٧٥ : ٢٢ ـ ٢٣) وجوه الأبصار إلى ربوبيته ، الظاهرة في نعمه ، ووجوه البصائر إلى ربوبيته الباطنة في معرفته وقربه ورضاه ، رغم الفجار ، ف (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ. تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) (٧٥ : ٢٤ ـ ٢٥) باسرة في الوجهين ، كليلة في الحالتين : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ... وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٣ : ٧٧).
إن هناك حجبا عن ذات الله وليست لله ، فالخلق كلهم محجوبون عن ذات الله حجاب البصر والبصيرة ، سواء المؤمن والكافر ، وليس الله محجوبا عن