ذوات المخلوقين ، فهو أقرب إليهم منهم إلى أنفسهم (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (١٠ : ١٦).
وإن هناك حجبا عن الرب ، عن ربوبيته ومعرفته ، وليست إلا من الخلق لا من الرب ، سواء حجب الظلمة وحجب النور ، وقد تخرق هذه الحجب بما يسعى السالك في سبيل المعرفة حسب الشرع ، وما يؤيده الله تعالى ويجذبه إليه وعلى حدّ تعبير الأمير عليه الصلاة والسلام : «وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق حجب النور فتصل إلى معدن العظمة» وقد خرقت هذه الحجب كلها لمعراج الرسول الأقدس في مقام (أَوْ أَدْنى)! والطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق.
فما بقي في قلب الإنسان نور ، فبقدر هذا النور ينظر إلى معدن العظمة يوم الدنيا وبالأحرى يوم الدين.
فليس حجاب الفجار هو عن الرؤية لكي يعني أن المؤمنين سوف يرون الله ، ف «إن الله تعالى لا يوصف بمكان يحل فيه فيحجب عنه فيه عباده ، ولكنه يعني أنهم عن ثواب ربهم محجوبون» (١) ثواب الزلفي والمعرفة والرحمة ، كلّ حسب سعيه.
(ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ. ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) :
هؤلاء المجرمون سوف يصلون الجحيم : يوقدونها بأعمالهم المرقومة ، فلقد كان كتابهم سجينا وفي سجين ، وهذا هو وقود الجحيم ، هم بأنفسهم المجرمة وأفكارهم وأعمالهم ، أولئك هم وقود النار ، وكما كانوا يوم الدنيا وقود النار.
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٥٣٢ عيون الأخبار عن الامام الرضا (ع) وفي التوحيد روى عن علي عليه السّلام مثله.