رفيعة ، ثم ظاهرة يوم القيامة في جنات عاليات ونعم خالدات ، عكس ما كان كتاب الفجار.
فالأبرار هم عليون يدخلون بعليين الأفكار والأعمال في عليين الجنات ، فمن هم الأبرار ومن هم المقرّبون الذين يشهدون كتابهم المرقوم؟
الأبرار جمع البرّ مقابل البحر ، استعير منه التوسع في الخير ، فالأخيار كلهم هم الأبرار ، من خالق البر والأبرار ، ف (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) (٥٢ : ٢٨) ومن سفرته (كِرامٍ بَرَرَةٍ) (٨٠ : ١٦) ثم سائر المتقين المقربين ومن دونهم.
وآية الأبرار هنا إنما تعني المتقين غير المقربين من الخلق أجمعين ، فإن المقربين هم يشهدون كتابهم المرقوم ، ثم الله ليس له كتاب مرقوم له أو عليه.
فالمقربون هم المصطفون من الأبرار الذين قربهم الله تعالى إليه زلفى : (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ. أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ. ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (٥٦ : ١٠ ـ ١٣) ولو كانوا هم كلّ المتقين لما كانوا قلة من الآخرين ، وثلّة من الأولين ، لأن شريعة الآخرين هي الخالدة إلى يوم الدين ، فليكونوا هم الثلّة والأولون القلة ، كلا ـ وإنما أصحاب اليمين من الآخرين هم الثلة ، والمقربون وهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وعترته المعصومون هم القلة عددا وجاه النبيين والوصيين السابقين (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ. فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ. فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) (٥٦ : ٨٥ ـ ٨٨ .. فالأنبياء من المقربين وكما المسيح عليه السّلام (وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (٣ : ٤٥) ومن الملائكة أيضا مقربون (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) (٤ : ١٧٢).
ومن الشواهد على أن المقربين أعلى منزلة من الأبرار ، أنهم : يسقون (عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ).
ثم كتاب الأبرار ، المرقوم ، يشهده المقربون ، فإنهم شهداء الأعمال ،