(هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) :
فقد كانوا يزعمونهم حافظين على المؤمنين موكّلين ، يحاولون إخراجهم من الإيمان إلى الكفر ، من الرجعية السوداء إلى التقدمية البيضاء! فهل ثوّبوا؟ ومن ذا الذي يثيبهم إلا الذي عاشوا عمالته : الشيطان الرجيم ، فهل بإمكان الشيطان أن يثيب حزبه كما وعدهم؟: (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ (١) وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٤ : ٢٢).
فطالما المجرمون يوجعون قلوب المؤمنين المضطهدين لأنهم مؤمنون ، فهم إذا بحاجة إلى بلاسم لقلوبهم المجروحة يوم الدنيا ولكي يواصلوا نضالهم ، فالله هو الذي يراهم كيف يتفكه بآلامهم المتفكهون ، إذن فهو الذي يبلسم قلوبهم إذ يفنّد آراء المجرمين ، وإذ يسخر منهم سخرية رفيعة فيها تلميح موجع ، طالما لا تحسّه قلوب المجرمين المقلوبة ، ولكن قلوب المؤمنين تستنيمها وتستريح إليها.
ثم هو الذي يذكرهم مشاهدهم معهم يوم القيامة ، ولكي يعدّوا لها عدتهم ، ولا يفشلوا فيما هم فيه من حياة إيمانية طيبة ، رغم آلامها الجسدانية ، فهم ليسوا ممن يعيش حياة الجسد ، إلا كمزرعة ووسيلة للحياة الروحانية.