(وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) :
هنا يوحّد المجرمون ثالوثهم بحق المؤمنين : (إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) ضلّوا سبيل الحياة ومتطلباتها فعاشوا كأنهم أموات ، تركوا لذة الحياة ونضارة الحياة وحبسوا أنفسهم عن الشهوات ، إن هذا إلا ضلال مبين! ولا أعجب من هذا الحمق العميق أن تحسب الهدى ضلالا والضلال هدى ، فالفجور لا يقف لحدّ ، وكلمتهم هذه من أفجر ما يتصور ، ولذلك لا تستحق الجواب إلّا كسخرية نزيهة عالية من هؤلاء الأغبياء الذين يتدخلون فيما ليس لهم :
(وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ) :
فمن هذا الذي وكّلهم للحفاظ على المؤمنين؟ فهذا فضول على فضول : أن تسمّى الهدى ضلالا ، وأن يتدخل في شؤون المؤمنين بلا رسالة ممن له أمرهم ، اللهم إلا رسالة الشيطان!
ثم وفي الآخرة ، إذا المؤمنون في الجنة والمجرمون في النار نرى معاكسة بين الفريقين:
(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ. عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) :
المؤمنون يضحكون عليهم جزاء وفاقا بما كانوا هم عليهم يضحكون ، كما ويضحك عليهم ملائكة الرحمة وملائكة العذاب وتضحك عليهم الجنة والنار بما كانوا يصنعون ، (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) إلى مقاماتهم العليا ونعيمهم المقيم ، تعرف في وجوههم نضرة النعيم ، وينظرون إلى دركات المجرمين ، إلى وجوههم الباسرة التي رهقها قترة وذلة.