وعمّرت رواسيها وجرت أنهارها : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً) (١٥ : ١٩) ثم بمد التدمير تلقي ما فيها وتتخلى :
(وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) :
(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) : انقلبت ظهر بطن على أثر زلزالها ومدها العنيف ورجفتها الأولى المدمّرة.
(وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) :
كزميلتها السماء على سواء في الأولى والآخرة ، فكما البداية لم تكن صدفة وفوضى ، أو تدخلا من غير الله أيا كان ، كذلك النهاية ليست إلا بإرادته تعالى (فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى) (٥٣ : ٢٥).
(إِذَا السَّماءُ .. يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) .. وهنا نسأل : أين جواب «إذا» *؟ هل إنه محذوف ليذهب ذهن السامع إلى أيّ مذهب ممكن فيكون أدخل في التهويل؟ أو أن آية الكدح جملة معترضة لتزوّد الإنسان بذكرى ما تتطلبه حياة الحساب ، ثم بعدها آية الجواب : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ ..)؟ أو إن «إذا» * ظرف لدور الكدح إلى الرب ولقائه ، كدحا يختص بأهوال القيامة وأحوالها ، قيامة الإماتة والإحياء؟ كلّ محتمل ، وخيرها أوسطها ، إذ لا يحصر كدح الإنسان بأهوال القيامة رغم الأخير ، ولا يهمل «إذا» * بلا جواب ، رغم الأول ، فالقرآن جواب عن غير سؤال ، فكيف لا يجيب عما يطرحه من سؤال! (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) :
وكما الكائنات كلها من أرضها وسماواتها كادحة إلى ربها فتلاقيه.
(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) : الإنسان ، لا الناس ولا الأناسي ، خطاب شخصي مع كل