إنسان إنسان ، وليدل أن الكدح للجميع لا المجموع ، فكلّ كادح ، وعلى كلّ أن يكون كادحا.
فما هو الكدح في ذاته؟ وما هو هو إلى ربه؟ وما هو الم؟؟؟ وقى بعد الكدح؟ هل هو الكدح بنتاجه؟ أم هو الرب المكدوح إليه؟
الكدح هو السعي والعناء ، وهو دون الكدم ، وحقيقة الكدح هي المستقرة في حياة الإنسان أيا كان ، وإن اختلف نوعه : نفسيا وجسدانيا ، وإن اختلفت مراتبه حسب اختلاف الكادحين ، وإن اختلفت أهدافه ، فواحد إلى عناء دونه عناء الأرض ، وواحد إلى نعيم يمسح على آلام الأرض كأنه لم يكدح .. فأنت أنت يا إنسان تقطع رحلة حياتك على الأرض كادحا على أية حال.
ثم الكدح أيا كان لا يقف لحده أو يفنى ، إلا أن يجتازه إلى آثاره عاجلا وآجلا ، شئت أم أبيت ، وإلا أن يجتاز بك إلى ربك : (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) شئت أم أبيت ، (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) شئت أم أبيت ، فلا محيد لك ولا محيص عن هذين المصيرين اللذين ينتظرانك بعد الكدح ، في حياة الكدح وبعدها.
وإذا كنت ـ ولا بد ـ مسيّرا إلى هذا المصير ، فأحسن السير تحسن المصير ، كن كادحا إلى ربك عن تقصّد وإخلاص ، وإلى نتائج كدحك عند ربك ، لتخرج يوم العرض والحساب عن الشغب والإفلاس.
فكدحك أيها الإنسان كدحان : كدح نتاجه كدح وأشقى هو للحيوان ، وكدح نتاجه راحة ورضوان من الله وهو كدح الإنسان ، فكن كادحا كإنسان ، تراعي في أعمالك مرضاة الله تكسب الدارين ، والثانية أسعد وأبقى : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).