أو نسيان ، أو ظلم وطغيان؟ أم لماذا؟ (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ. مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (١٤ : ٤٢).
هنا يعبر عن البعث بالحور ، لأنه ردة إلى الحياة للجزاء ، وكما يدور الحائر إلى حيث كان ، فما الحياة إلا دائرة نسير عليها من نقطة حياة التكليف ، ثم نرجع إلى نقطة الانتهاء : حياة الجزاء ، نقطتان متلازمتان كأنهما واحدة ، ولأنهما يتشاركان في مبدء الحياة ، يدور الإنسان فيها على محور الشخصية عبر الحوادث والحالات وإلى المنتهى
ثم لسنا بحاجة في البرهنة على حور الحياة ، زيادة على واقع الكائنات ، فهنا الشفق ، والليل وما وسق ، والقمر إذا اتسق : أدلة كونية تمثل لناحور الحياة ودورها .. والله تعالى لا يقسم بها لفقد البرهان ، وإنما هو قسم بشيء من البرهان ، وثم ينفيه موجّها إلى برهان أعمق ، وتبيان أعرق ، هو أدلة الفطر والعقول.
(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ. وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ. وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ. لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) :
(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) : الشفق هو ضوء النهار المختلط بظلام الليل عند الغروب ، شفق لعنايته المختلطة بالخوف وهو الإشفاق ، فهو الوقت الخاشع المرهوب بعد الغروب ، خاشع لضوء النهار ، مرهوب بظلام الليل ، بين الخوف والرجاء.
(وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) : وكما في الشفق جمع بين المتفرقين : ضوء النهار وظلام الليل ، كذلك الليل واسق : يجمع بين المتفرقات ، فهو يجمع ويضم ويحمل الكثير من أشياء وأحياء وأحداث ومشاعر وعوالم خافية ساربة في الأرض ، غائرة في الضمير.