(فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً) : هلاكا مثابرا : مواظبا على إتيانه ، ليس صدفة ودون سبب ، فقد كان الهلاك معه ، ثم برز يوم البراز .. يدعو ثبورا وأي ثبور؟ لا ثبورا واحدا ولا من نوع واحد : (دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً. لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً) (٢٥ : ١٤).
إنه كان ثبورا في كيانه ، لنفسه ولمجتمعه ، في أعماله وأقواله ، في حله وترحاله ، في عقائده وأفكاره ، وما كان يدعو إلا سرورا ، غافلا عما تقدمه نفسه ، ثم هنا لك يدعو ثبورا.
(وَيَصْلى سَعِيراً) : ثبور يدعو ثبورا ، وسعير يوقد سعيرا ، ولا يظلمون نقيرا .. وكل ذلك لماذا؟ والجواب : انه ثبور حق بسرور باطل ، وعقيدة باطلة وحياة عاطلة.
(إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً. إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) :
مسرورا بحيونة الحياة لظنه أن لن يحور ، فأخذ حريته في الثبور دون أن يقف لحد.
مسرورا بما هو فيه ، غافلا لاهيا عما يعنيه ، لا يحسب له حسابا ، ولا يرجو لنفسه ثوابا ولا عقابا : (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) (٢٤ : ٧٥) : حياة الفرح والمرح ، دون تعقل وإناقة.
(إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) : ظن أن لن يتردد إلى ربه وإلى عمله ، لن يكدح إلى ربه فلن يلاقيه بعمله ولماذا؟ هل لأن ربه كان عنه غافلا غير بصير؟
(بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً)
إنه يتردد ويحور ، وربّه بعمله له بالمرصاد ، ولأنه كان به بصيرا ، بما منه وما فيه ، بظاهره وخافيه ، فكيف لا يحيره إليه يوم الجزاء ، هل لعجز