(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢ : ٣٢).
عرضهم ـ لا عرضها ـ فالأسماء هنا «هؤلاء وهم» ولهم أسماء جهلها الملائكة ، فما أقدسها أسماء : دلالة على القدسية الإلهية! وما أكرمها ذوات!
ثم الكائنات كلها أسماء الله ، الدالة عليه ، بما هي مخلوقات ، لا والمختلقات الزائدة الناقصة من انحرافاتها وانجرافاتها.
(اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) : فهل في الكون أرباب عدّة هو أعلاهم؟ نقول : أما أرباب مفوّضون مستقلون؟ فلا! وإنما الكلّ مربوبون لرب العالمين ، فالقوى الروحية ـ الملائكية والبشرية ـ تربي ، ولكنها بإذن الله ، برسالة الوحي أم سواه ، والقوى المادية تربي ، إلا أنها بإذن الله ، فكل القوى المربية ترجع إلى الله تكوينيا وتشريعيا ، لا تملك لأنفسها نفعا ولا ضرّا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، وسبحانه تعالى من ربّ أعلى ، أن يكون معه أرباب متشاكون ، مستقلون أو مسموح لهم ، وإنما مربوبون يربون بإذنه تعالى.
ولأن التربيات كلها راجعة إلى الرب الأعلى ، فليسبّح اسمه لا سواه ، فلا يقرن اسمه بسواه ، وكما أمر الرسول الأقدس أن نسبّحه تعالى هكذا في سجود الصلاة قائلين : سبحان ربي الأعلى (١) وكما أمرنا أن نقولها إذ نسمع الآية أو نقرؤها (٢).
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٥٥٤ ، العياشي عن عقبة بن عامر الجهني قال : لما نزلت (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) قال رسول الله (ص) : اجعلوها في ركوعكم ، ولما نزلت (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قال (ص) : اجعلوها في سجودكم ، وأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن الجهني مثله (الدر المنثور ٦ : ٣٣٨).
(٢) أخرج أحمد وأبو داود وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن رسول الله (ص) كان إذا قرأ سبح اسم ربك الأعلى ، قال : سبحان ربي الأعلى (الدر المنثور ٦ : ٣٣٨).
وفي المجمع قال الباقر (ع) إذا قرأت (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) فقل : سبحان ربي الأعلى ، وإن كنت في الصلاة فقل فيما بينك وبين نفسك» أقول : يعني بها غير حالة السجود.