(وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) :
فبما أن الصلاة معراج المؤمن ولقاء الله ، فهي للتحلية والتجلية ، فلا بد لها قبلها من تزكية وتخلية ، ثم لا بد للصلاة من افتتاحية تعلن أن صاحبها تزكى : وعلّها تكبيرة الإحرام «الله أكبر» : أكبر من أن يوصف ، فلا كبير معه حتى يكون هو الأكبر ، وإنما أكبر من أن يوصف ، ثم رفع اليدين عندها إلى شحمتي الأذنين ، إنه يعلن حقيقة التكبيرة : أنها جعل ما سوى الله وراءك ظهريا ، ثم أن توجه وجهك للذي فطر السماوات والأرض.
ومن ذكر الرب ـ وأفضله ـ البسملة مفتتح الحمد ، فالصلاة بلا تكبيرة وبسملة ، دخول في الدار ، دون استئذان واستئناس من صاحب الدار!
هذا ـ والمروي عن الرسول الأقدس يوافق الآية شمولا لأصناف الزكاة والصلاة ، وعلى حد قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «من شهد أن لا إله إلا الله وخلع الأنداد وشهد أني رسول الله ، وذكر اسم ربه فصلى : هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها والاهتمام بمواقيتها(١)» فإذ يفسرها صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أيضا ـ بزكاة الفطرة وصلاتها أو الصلاة على الميت ، يعني به تفسير المصداق (٢).
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٣٣٦ ، أخرج البزاز وابن مردويه عن جابر بن عبد الله عن النبي (ص) في قوله : قد أفلح من تزكى ، قال : ..
(٢) المصدر عن النبي (ص) أنه كان يأمر بزكاة الفطر قبل أن يصلي صلاة العيد ويتلو هذه الآية.
وفي نور الثقلين ٥ : ٥٥٦ من لا يحضره الفقيه : سئل الصادق (ع) عن هذه الآية فقال : من أخرج زكاة الفطر ، قيل له : وذكر اسم ربه فصلى ، قال : خرج إلى الجبانة فصلى» أقول يحتمل الصلاة على الميت وكذلك صلاة الفطر.