(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا. وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى. إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى. صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) :
بل تؤثرون الحياة الدنيا على الحياة العليا ، وهي تمنع العباد من سخط الله ، وعلى حد قول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم : «لا إله إلا الله تمنع العباد من سخط الله ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم ، فإذا آثروا صفقة دنياهم ثم قالوا : لا إله إلا الله ردت عليها وقال : كذبتم» (١).
ثم إن الصحف الأولى ، ومنها صحف إبراهيم وموسى ، إنها تصدق ما في هذه السورة من أن ربوبية الرب بالنسبة لرسولنا الأقدس محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم هي أعلى الربوبيات بين حملة الرسالات ، مسبّحة مقدسة في كتابات الوحي من قبل كما فصلناه في كتابنا (رسول الإسلام في الكتب السماوية) ، كما وأن عدم نسيان القرآن وتيسيره صلّى الله عليه وآله وسلّم لأمر الرسالة ، هما في الصحف الأولى ، وما يروى أن
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٣٤٠ ، أخرجه البيهقي في شعب الايمان عن أنس قال : قال .. ، وفيه أخرج عن ابن عمر أن النبي (ص) قال : لا يلقى الله أحد بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلا دخل الجنة ما لم يخلط معها غيرها ـ رددها ثلاثا ـ قال قائل من قاصية الناس : بأبي أنت وأمي يا رسول الله! وما يخلط معها غيرها؟ قال : حب الدنيا ، وأثرة لها ، وجمعا لها ، ورضا بها ، وعمل الجبارين.
وفيه أخرج أحمد عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله (ص) قال : من أحب دنياه أضر بآخرته ، ومن أحب آخرته أضر بدنياه ، فآثروا ما يبقى على ما يفنى.
وفيه عن عائشة عنه (ص) قال : الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها يجمع من لا عقل له ، وفيه عن الحسن قال : قال رسول الله (ص): حب الدنيا رأس كل خطيئة.
وفي نور الثقلين ٥ : ٥٥٧ عن علي بن الحسين (ع) «الدنيا دنياءان دنيا بلاغ ودنيا ملعونة وأمل لا يدرك ورجاء لا ينال».