فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ)(٢٦)
* * *
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) :
الغاشية ـ جمعه غواش ـ من أوصاف الساعة ، مبالغة في الغشي : الستر الشامل ، والساعة تغشى الناس حشرا : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (١٨ : ٤٧) كما تغشاهم إماتة في قيامتها : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤٤ : ١١) وتغشى الكفار منهم عذاب النار : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) (٧ : ٤١) ، وفي غاشية الحشر :
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) :
تقسيم ثنائي للذوات الشريرة والخيّرة ، فالوجوه هنا هي الذوات ، حيث الضمائر والصفات والأفعال الراجعة إليها ، لا تناسب إلا الذوات (١) ، عبّر عنها بالوجوه لا تجاهها نحو العرض والحساب ، واستقبال الساعة لهم بوجوهها كلها.
ثم هذه الوجوه تشمل وجه الظاهر والباطن ، ومن الباطن : وجه العقل والصدر والقلب والسر والخفي والأخفى ، وجوه سبعة تغشاها الساعة ، فهي ـ كلها ـ خاشعة : (وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) (٤٢ : ٤٥).
__________________
(١) فالخشوع وصلي النار والسقي من عين آنية وصلي النار الحامية ، وطعامهم ، ثم الراضية ، وعدم سماع اللاغية .. كل ذلك لا يناسب إلا الذوات.