والخشوع هو الضراعة سواء في الظاهر أو الباطن ، ما لم يقرن بما يدل على الأول ، وإن كان هو الأكثر استعمالا ، إذا فغاشية الساعة تغشى الوجوه كلها فتصبح خاشعة كلها.
(عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) :
عاملة عملت في دنياها لهواها ، وهنا تحصد نصبها وتعبها ، وعاملة تعمل يوم الغاشية ، متعبة نفسها لخلاصها ، ولات حين مناص ، ومضى دور الخلاص ، فقد مضى دور العمل والأمل ، فلا أمل ولا عمل ، وهي بعملها يوم الدنيا ، هنا وقود للنار تصلاها :
(تَصْلى ناراً حامِيَةً) :
توقد نارا قدّمها من قبل ، وهي ذات حمى : «ولادة وإيلادا» : ولدت من الجواهر المحمية ، من جواهر ذواتها الشريرة ، وتولد حمى : حرقة حاسمة ، لا تبقي ولا تذر. لوّاحة للبشر ، وكما حمت يوم الدنيا في جحيم ذواتها ، وأحرقت ضميرها وفطرتها ، جوّها ومجتمعها!
(تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) :
عين بلغت إناها لشدة غليانها ، حامية آنية : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) (٥٥ : ٤٤) (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) (٤٧ : ١٥).
(لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ. لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) :
لا يطعمون إلا الضريع ، فما هو الضريع؟ نقول : إنه من الضراعة ، فطعام أهل النار يضرعهم ويذلهم ويبكيهم ، بدل أن يفرحهم ويغنيهم ، ومن المضارعة :