(فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ. إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ. فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) :
فذكّر بالآيات الآفاقية والأنفسية ، وبالآيات القرآنية التي تضمها وزيادة ، فذكّر ، فليست حياتك الرسالية إلا تذكيرا ، وبالتبشير والإنذار ، ليست لك سيطرة تشريعية تسن الأحكام ، ولا تكوينية تهدي من تحب ، أو تجبرهم على الهدى ، ف (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) (٥٠ : ٤٥) وإنما الجبار المصيطر هو : (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ) (٥٩ : ٢٣) (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) (٦ : ١٠٧) ، فلا أنت مصيطر جبار ، ولا وكيل عن المصيطر الجبار ، إنما أنت رسول ، وليس لك إكراه الناس على الإيمان ، فليس الإيمان بالذي يكره عليه ، ولا أنت قادر عليه : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (١٠ : ٩٩) فأولا وأخيرا ، (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) (٢ : ٢٧٢) وإنما عليك ذكراهم : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) (١٣ : ٤٠) : لا تملك من أمر قلوبهم شيئا حتى تقهرها على الإيمان ، فإنما القلوب بين أصابع الرحمان يقلبها كيف يشاء.
فذكّر وداوم في ذكراك (إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ) فإنه لا تنفعه الذكرى ، فذكر إن نفعت الذكرى و (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ. إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ) وليست إلا سيطرة الجهاد والدفاع : (العذاب الأصغر) لا العذاب الأكبر : (فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) : بعد ما يعذبهم بك ، وبالقائم المهدي من ذريتك ، وبمن معكما وبينكما من المناضلين ، يعذبهم بكم العذاب الأصغر ، ثم يعذبهم في البرزخ العذاب الأوسط.
(إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) :
فليس إياب الخلق إلّا إليه ، ولا حسابهم إلّا عليه ، وأنت المذكر ، لست