بالأقسام : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها. وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) إيحاء بأن الإنسان نسخة كاملة عن كتاب التكوين ، بإمكانه أن يعتبر في نفسه بما يشاهده في الآفاق ، (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ).
قسما بالشمس : عامة ، وحين تضحى : ترتفع عن أفقها ، وهي أروق ما تكون في هذه الفترة وأحلى ، وبالقمر إذا تلاها : في طلوعه بعد غروبها ، تلوّا في الإشراق منذ هلاله إلى تبدّره وقبيل انمحائه ، أم في اكتساب النور ، حالا دائبة لا تختص بحال دون حال ، فهو يتلو الشمس بنور طفيف شفيف صاف.
وقسما بالنهار إذا جلّى الشمس كما الشمس تجليه ، حين تصل إلى وسطه فلا تخفى على الناظرين .. وبالليل إذا يغشى الشمس بنهارها ، والسماء والقدرة الخلاقة البانية ، التي بنتها ، والأرض وما حركها وأزالها عن مقرها ، ونفس إنسانية وسواها من أمثالها ، وما سوّاها ، فألهمها : ـ أبلعها وأدغم فيها وعرّفها ـ فجورها وتقواها.
وهل يا ترى إن هذه الكونيات لا تعني ـ في الأقسام بها ـ إلا ظواهرها؟ أجل إنها تعنيها وما يناسب النفس المسوّاة وإلهام فجورها وتقواها ، وعلى حدّ تأويل الإمام الصادق عليه السّلام إذ سئل عن (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) قال : الشمس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم به أوضح الناس عز وجل للناس دينهم (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) : أمير المؤمنين عليه السّلام تلا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ونفثه رسول الله بالعلم نفثا (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) ذلك أئمة الجور الذين استبدوا بالأمر دون آل الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وجلسوا مجلسا كان آل الرسول أولى به منهم فغشوا دين الله بالظلم والجور فحكى الله فعلهم فقال : والليل إذا يغشاها (وَالنَّهارِ إِذا