جَلَّاها) : الإمام من ذرية فاطمة صلّى الله عليه وآله وسلّم يسأل عن دين رسول الله فيجليه لمن سأله فحكى الله عز وجل قوله فقال : (النَّهارِ إِذا جَلَّاها)(١).
أقول : ومن هنا يظهر الوجه في اختلاف الماضي (إِذا جَلَّاها) عن المضارع (إِذا (٢) يَغْشاها) : فإن ضحى الشمس المحمدي غشيّ في مستقبل عتيد ، ويستمر : بالليالي الظلماء من دويلات الجور ، وإلى أن يسفر صبح الدولة المحمدية من جديد في زمن القائم المهدي عليه السّلام فإن نهار دولته سوف يجلى شمس الرسالة المحمدية بعد غروبها ، ويجعلها أكثر مما كان وأوسع مما كان «أين محيى معالم الدين وأهله. أين قاصم شوكة المعتدين. أين هادم أبنية الشرك والنفاق!».
قسما بهذه الآيات الكونية ، والمحاولات الإيمانية واللاإيمانية ، وبالسماء معدن الرحمة ، والأرض قابلها : كسماء الوحي وأراضي القلوب الواعية ، وقسما بالنفس والذي سواها ، كنموذج شامل كامل عن كائنات الوجود كلها ، الجامع فيها ظلم الليل المغشّي ، ونور النهار المجلّي ـ قسما بهذه وتلك وهؤلاء :
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها. وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) :
والمعني من النفس الملهم فجورها وتقواها ـ هنا بين معانيها ـ هو الروح ككلّ ، دون الجسم : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) (٤ : ١) ولا الأمارة بالسوء : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) (١٢ : ٥٣) ولا اللوامة : (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (٧٥ : ٢) ولا المطمئنة : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (٨٩ : ٢٧) وهي كلها من شؤون الروح ، كما القلب والصدر والعقل واللب وأمثالها ، هي
__________________
(١). نور الثقلين ٥ : ٥٨٥ عن روضة الكافي جماعة عن سهل عن محمد عن أبيه عن أبي محمد عنه (ع) ، ورواه القمي عن سليمان الديلمي عن أبي بصير عنه (ع) مثله.