حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٦ : ٩٧) ثم ولا أتختص اليسرى بالحياة الأخرى ، فهي تشمل الآخرة والأولى ، ومهما كانت في لأولى مشوبة ، فهي في الأخرى خالصة : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ ، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٧ : ٣٢).
(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ) : العطاء ، (وَاسْتَغْنى) : عن الاتقاء ، وأخذ حريته في حيونة الحياة (وَكَذَّبَ) بالحياة والعقيدة (بِالْحُسْنى ، فَسَنُيَسِّرُهُ) : ذاته بماله (لِلْعُسْرى) : حياة قصيرة عسرة ضنك هنا ، ثم حياة دائبة عسيرة ضنك هناك : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ..) (٢٠ : ١٢٤). (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ) في تحسين الحياة هنا وهناك (إِذا تَرَدَّى) : سقط من عل في شيطنة الحياة هنا ، وعند العرض والحساب هناك ، فليس المال بمنجّيه من تبعات الأحوال والأعمال ، اللهم إلا الإعطاء والاتقاء والتصديق بالحسنى.
(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) :
فرض فرضه الله على نفسه : (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) الرحمة والهدى بوجها النجدين (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) : هدى في العقول والفطر ، وهدى بكائنات العالم ، وهدى بالنبيين والكتب ، وهي كلها هدى الدلالة ، ثم هدى التوفيق لمن آمن واهتدى : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) (١٨ : ١٣).
(وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) :
فلا يحسبن الذين كفروا أن لهم الأولى يفعلون فيها ما يشاءون ، ف (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً) (١٧ : ١٨) .. وإنما تختلف عن الأخرى أنها حياة التكليف والابتلاء ، والأخرى حياة الجزاء.