ـ مطلق الإيمان ـ لو لا الإيحاء ، حيث الشرعة الموحاة إليه ما كانت تنال إلا بالوحي ، دون المحاولات البشرية ، ولا سيما في الفترة الفوضى التي مضت على كتابات الوحي ، فما كان محمد كبشر ، ليدري ما الكتاب ولا الإيمان ، إلى أن أوحي إليه بالإيمان ، وثم أوحي إليه الكتاب القرآن : (وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤٢ : ٥٢).
إذا فالرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم كان نبيا ، قبل رسالته بوحي القرآن ، نبيا لنفسه ، إن بوحي الإنجيل ، أم وحي آخر يخصه دون سواه ، وكما يروى عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم : «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين» فنبوته قبل ولادته هي الميثاق الذي أخذ له على النبيين أجمع : (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) وهي منذ ولادته إلى بعثته ، نبوته الواقعية الشخصية ، ومن بعثته رسالته العالمية وإلى يوم الدين ، وهنا أخبار تعمه وأخرى تخصه بتأييد إلهي منذ ولادته صلّى الله عليه وآله وسلّم (١) مما يوحي إلى نبوته الخاصة قبل رسالته.
(وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) : عائلا من حيث المال والحال (٢) ، ومن ذويه الأقربين ومن الناس أجمعين ، فأغناه الله وكفاه عبء هذه العيلولة.
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) :
آوه كما آويتك ، ولا تقهره كما لم تقهر.
__________________
(١) منها اخبار مستفيضة انهم مؤيدون من بداية أمرهم ، وصحيحة الأحول القائلة : نحو ما كان رأي رسول الله (ص) من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرائيل من عند الله بالرسالة ، والمستفيضة القائلة : ان الله لم يعط نبيا فضيلة ولا كرامة ولا هجرة إلا وقد أعطاه نبينا.
(٢) نور الثقلين ٥ : ٥٩٥ عن تفسير العياشي عن الامام الرضا (ع) في قوله : ألم يجدك يتيما فآوى ، قال : فردا لا مثيل لك في المخلوقين فآوى الناس إليك ، ووجدك ضالا : اى ضالا لا يعرفون فضلك فهداهم إليك ، ووجدك عائلا : تعول أقواما بالعلم فأغناهم الله بك ، وروى القمي عن الامام الصادق (ع) مثله.