شريعة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم قبل الإسلام
: وهنا الجدير بالبحث أن يعطف إلى شرعة الرسول قبل وحي القرآن : هل كان متحللا عن أية شريعة ، يعبد ربه بلا شرعة ومنهاج؟ أم دون أية عبادة كذلك؟ أم كان متعبدا بشرعة تخصه؟ أم مهديّا إلى شريعة الإنجيل المحكّمة قبل شريعة القرآن؟ أم شريعة موسى أم إبراهيم أم نوح؟ أم ماذا؟.
الوجه الذي نعقله وبالإمكان أن نقبله ، هو انه كان متعبدا بشرعة صالحة لزمنه ، غير محرفة ـ أيا كان ـ لأن الله اصطفاه أخيرا لخاتمة الرسالات (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) (٣٨ : ٤٧) (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (٣ : ٣٣) فليكن ـ إذا ـ خير الناس أجمع قبل رسالته ، فهل يا ترى كيف يصطفى هكذا وهو متحلل عن الشرائع كلها ، أو متعبد بشريعة منسوخة زمنه؟ فلتكن شرعته هي شرعة التوراة الصحيحة حسب الإنجيل الصحيح الحاكم زمنه ، وهذا لا يتيسر إلا بتأييد الله بإيحاء ملك الوحي ، إذ لم يكن يكتب أو يتلو كتابا قبل وحي القرآن ، ولم يدرس عند أحد من علماء الكتاب كما القرآن يصرح ، ولم يكونوا صالحين لذلك ، وليس نقصا للرسول أن يتبع قبل رسالته شرعة غيره من المرسلين ، إذ الشرائع كلها لله ، وليس الرسل إلا وسائط البلاغ ، إضافة إلى إمكانية وحي الإنجيل اليه فذا كما أوحي إلى المسيح ، نبيان أوحي إليهما سواء.
ووجه آخر عله أسلم ، أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يسترشد بملك الوحي الذي قرن الله به من لدن كان فطيما يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ، ما يحمل وظائفه الخاصة به ، ولا تنافيه الآية : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) (٤٢ : ٥٢) إذ يعني به الإيمان الموحى إليه برسالة القرآن ، والكتاب كل كتاب ، فما كان يدري ما القرآن والإيمان القرآني قبل نزوله ، على أنه كان مؤمنا قبله بالواجب عليه حينه بإيحاءات ملك الوحي ، فما كان يدري ما الإيمان