الزيتون بيت المقدس» ، وهو منزل الوحي على كبار رجال الوحي ، وأن التين إشارة إلى المدينة المنورة (١) مما يدل على كمال التناسق بين جزءي الإنسان ، كما بين الفاكهتين وبلادها المقدسة ، فعلى الإنسان إتباع قواه الجسدانية للروحانية ، ولكي يتكامل خلقه في أحسن تقويم : ينمو جسمه على ضوء روحه ، وروحه على كاهل جسمه :
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) :
وليس معنى أحسن تقويم أنه فاق الخلق كله ، وإنما : ليس في الخلق أقوم منه ، ومنه من هو مثله في القوام : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (١٧ :) ٧٠) فمن هذا القليل الذي يشبه الإنسان في القوام؟ أنا لا أدري! وعله من إنسان السماء الذي تشير إليه بعض الآيات (٢) ، أم هو وسواه ممن لا نعرف!
إن الأصل في خلق الإنسان ـ إلهيا ـ هو أحسن تقويم ، لو داوم في المشي على قوامه كما هداه الله تعالى في التكوين والتشريع : تكوينه الفطري والعقلي ، وتشريعه الإلهي الواصب غير الخليط ، وفيما إذا سلك سبيل التخلف فجزاؤه أن يردّ إلى أسفل سافلين ، لحدّ لا أسفل منه في الخلق ، رغم أنه ما كان أقوم منه في الخلق! إذا فهو هو النازل من العلوّ العال إلى أسفل السفال ، وليس إلا بفعاله هو ، والله يتركه ـ إذا ـ ثم يعبر عن تركه له أنه ردّه إلى أسفل سافلين.
ان جانب الخير في الإنسان أقوى من جانب الشر إذ خلق في أحسن تقويم ،
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٦٠٦ الامام موسى بن جعفر عنه (ص) ان الله اختار من البلدان اربعة.
(٢) «وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ» (٤٢ : ٢٩) وآيات وروايات اخرى أمثالها سوف نوافيها عند مناسباتها الأوفى.