والحل أن الألف هنا ألف عام وخاص يكافح التاريخ بأكمله ، بخيره وشره ، فهي الألف : الكثرة الكثيرة من الزمن التي حدثت فيها خيرات التاريخ بأجمعها ، فحدث هذه الليلة المباركة يربو عليها بأسرها.
وهي أيضا الألف التي حكم فيها بنو أمية ضد الإسلام بكل الطاقات والإمكانيات ، فما استطاعوا أن يزيلوا الأثر الهام الثابت في ليلة القدر : شريعة القرآن ودعوته.
إن زمن الحكم الأموي هو أشرّ الأزمنة التي مرت على التاريخ الإسلامي ، والتي تستقبل الإسلام إلى يوم القيامة ، وإذا كانت الطغمة الحاكمة الأموية لا تستطيع القضاء على ليلة القدر ، على القرآن النازل فيه ، وعلى نبي القرآن ودعوته ، فأحرى ألا تستطيع الطغم الحاكمة الأخرى أن تمس من كرامتها ، إلا جولات دعائية وادعائية ، فإن للحق دولة وللباطل جولة (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ).
إن قوة الدعوة القرآنية أكثر بكثير من القوات المضادة ، طالما الكفر يكرس كافة طاقاته وإمكانياته ، لكنه لا يملك شيئا مما يملكه الحق من براهين ومن دوافع الخلود وسناد الخلود.
ورواياتنا متضافرة بين الفريقين في خيريّة هذه الليلة بالمعنيين عن النبي الأقدس (ص) وأئمة أهل بيته الكرام (ع) (١).
__________________
(١) ففي المعني الأول : أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن عروة قال ذكر رسول الله (ص) يوما أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين عاما لم يعصوه طرفة عين فذكر أيوب وزكريا وحزقل بن العجرز ويوشع بن نون. فعجب رسول الله (ص) من ذلك فأتاه جبريل فقال يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة فقد أنزل الله خيرا من ذلك فقرء عليه سورة القدر قائلا. هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك فسر بذلك رسول الله (ص) والناس معه» (الدر المنثور ج ص ٣٨١). ومن طريق أصحابنا مثله كما في نور الثقلين ح ١٦ و ٤٥ عنه (ص) ـ