وهذا هو الروح القائم مع الملائكة يوم القيامة أيضا : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) (٧٨ : ٣٨) (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (٧٠ : ٤).
واعتبار أن الروح هو ما به الحياة ، نستوحي أن الروح هذا من به حياة ملائكية الملائكة ، على أنهم أيضا أرواح ، وفيهم من سمي روحا ـ لا مطلقا ـ وإنما : (بِرُوحِ الْقُدُسِ) (٢ : ٨٧ و ٢٥٣ و ٥ : ١١٠) و (رُوحٌ مِنْهُ) (٤ : ١٧١) و (بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ) (٤٠ : ١٥ و ١٦ : ٢) و (الرُّوحُ الْأَمِينُ) (٦ : ١٩٣) و (رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) (٤٢ : ٥٢).
هذه هي الأرواح المذكورة في القرآن ، بين ما هو روح القدس النازل على النبيين ، وما هو الوحي النازل عليهم ، ومن هو ملك الوحي : جبرائيل أم أعوانه.
ولم يذكر الروح دون قيد في القرآن إلا ثلاثا فيمن قوبل به الملائكة ، وهو روح الملائكة وزعيمهم ، وإلا مرة واحدة كذلك في الروح القدسية المحمدية : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (١٧ : ٨٥).
من هنا وهناك نستوحي الوفاق بين الروحين ، النازل والمنزل عليه ، فالروح النازل هو روح الملائكة ، والمنزل عليه هو روح النبيين ، الروح القدسية المحمدية ، روح محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم في وحي القرآن ليله ، وفي نزول كل أمر طوال البعثة ، وأرواح محمدية بعد ارتحاله إلى جوار رحمة ربه ، أرواح المعصومين من عترته ، الحاملين روحه القدسية وعصمته الإلهية.
ونستوحي استمرارية ليلة القدر من قوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) دون «تنزل» * فالفعل مضارع يدل على استمرارية نزول الملائكة والروح ، إذا فليلة القدر بهذا الاعتبار مستمرة طوال الزمن ومنذ البعثة ، وإن كانت