فيقول : في هذا قتلت ، ويجيء القاطع فيقول : في هذا قطعت رحمي ، ويجيء السارق فيقول : في هذا قطعت يدي ، ثم يدعونه فلا فلا يأخذون منه شيئا» (١).
تخرج الأرض أثقالها : أماناتها ، وكما تحدّث أخبارها الناتجة عن تلكم الأثقال : فيا للأرض من حافظة أماناتها إلى حين زلزالها ، تؤديها سالمة سليمة ، دون تدجيل وتدغيل ، دون زيادة ولا نقصان ولا تضليل!
(وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) :
.. هذه الإنسانية التي رأت ـ طول تاريخها ـ الزلازل والبراكين ، وشهدت زعزعات ورجفات ، هذه الإنسانية ـ وهي تعيش أخريات الأنفاس من حياتها ـ هذه تقول : ما لها؟ .. كأنها ـ أو أنها ـ صرخة جماهيرية تزامل صرخات الزلزال ، وإنه سؤال المشدود المبهوت من زلزالها هذا ، الذي لم يعهده طوال حياته وحياة الأرض.
إنه سؤال الدهشة في يوم عصيب : (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) (٢٢ : ٢).
(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) :
.. هذه الإذاعة تذيع أخبارها كاملة ، وتؤدي أماناتها شاملة ، متى؟ يوم دمارها بزلزالها ، وبعد ما أخرجت أثقالها ، فإن أخبارها ليست إلا عن أثقالها.
__________________
(١) الدر المنثور ج ٦ ص ٣٨٠.