(مَا الْقارِعَةُ؟) :
كسؤال يصوّر رهبة الموقف ، لحد كأنه خفي على الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم : (وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ؟).
إن القارعة توحي بقرع ولطم شديدين ، تقرعان الكون قلبا وقالبا ، القلوب المقلوبة التي تذرعتها الشياطين لقرع الحياة وقلبها إلى غير ما تعنيه ، والقوالب كلها مقروعة في هذه الدكة العظيمة الشاملة .. وإنما تسلم القلوب السليمة ، الثقيلة الموازين ، الشديدة الرباط بالله العظيم.
(وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ) :
ليس لها مثيل في دنيا الحياة حتى يدركها في عقباها ، وإنما هو الوحي ، وحي السماء : يدريك ما هي القارعة.
(يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) :
إنها إجابة عن سؤالها بما يحصل فيها ، لا بماهيتها ، فإنها فوق التحمل يوم الدنيا ولو في تصورها .. يوم يكون الناس : من هيبته وشدة وطأته وقارعته ، كالفراش المبثوث : الجراد المنتشر : (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) (٥٤ : ٧). والجراد المنتشر هي الفراش المبثوث ، تنبث وتنتشر وتنفرش بعضها بعضا ، وتركب بعضها بعضا ، دون أن تتجه لجهة واحدة ، لهول القارعة ، ولأنهم كانوا يوم الدنيا في اتجاهات شتى ، فكل إنسان يعمل على شاكلته ، ويرجع إلى شاكلته ، شاء أم أبى.
إن الفراش المبثوث مثل لغاية الضعف والحمق واللاهدف ، وهكذا يصير مصير الإنسان الذي عاش حياته كالفراش المبثوث ، إلا من ثقلت موازينه ،