وإذا كان القسط والحق والعدل هي الميزان : فأحرى أن يكون الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم وخلفاؤه المعصومون هم الموازين ، كما النبيون وأوصياؤهم موازين ، وعلى حد تعبير الإمام الصادق عليه السّلام : إن الموازين هم الأنبياء والأوصياء (١).
فلا الموازين تكون مادية ، ولا ما يوزن فيه الموازين ، إنما هي القيم والمثل العليا للإنسان ـ أيا كان.
وإنها ـ رغم اختلافها صوريا ـ تتحد في كونها حقا وقسطا ، تظهر في مظاهر عدة حسب عديد الأعمال والأقوال ومراتب الإيمان والأحوال ، فالحق الذي يوزن به الإيمان هو حق الإيمان ، وما توزن به الصلاة هو حق الصلاة وأمثالها لأمثاله.
(فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) : عيشة كأنها الرضا كلها ، دون أن يحملها شيء سواها ، فهي هي الرضا بعينها : رضى العبد ورضوان من الله ، رضوان مزدوج.
ثم ما هو مصير الحابطين أعمالا ، الخابطين أحوالا ، الأخسرين أعمالا ، الذين رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها! :
(وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ. وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ. نارٌ حامِيَةٌ) :
هؤلاء هم الذين لا وزن لهم إطلاقا ، بين ما لم يعملوا من الصالحات وما لم يؤمنوا بها ، وبين ما حبطت من أعمالهم الصالحة أحيانا ، لكفرهم : (أُولئِكَ
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٧ باب الميزان ص ٢٤٨ ح ٦.